Thursday, June 15, 2017

قصتي مع نادية



كانت نادية بنتا كبيرة حقا، لامست العشرين، بينما تجاوزت أنا الخامسة بالكاد. تمشط لي أمي شعري إلى اليمين بمشط الكرن حتى أبدو مهذبا ووسيما كأبناء العائلات الكبيرة. كنا قد رمينا ضالة البيت توا وبالكاد يبست وذهب البنّاية إلى حال سبيلهم بعد أن نزعوا المادري وجمعوا دوزانهم في قفة كبيرة مصنوعة من الدوم. ظلت الجدران على تلك الحال شهورا طويلة دون طلاء ودون كهرباء. اكتسبت الغرف ظلالا مضاعفة وسكونا سحريا وظلت رائحة السيمة والبغلي ورطوبة السقف وبعض الأسلاك الصدئة الناتئة من الطوب تقتسم معنا البيت إلى ماشاء الله. كان لكل ذلك رائحة شبيهة برائحة موسم التزاوج. نرى بعضنا في الليل وسط غرفة الضيوف غير المؤثثة التي اتخذناها غرفة معيشة ونوم على ضوء شمعة صغيرة جدا، بحيث تتحول ملامح أمي وأبي وأصواتهما المضاعفة وظلال حركاتهما الكبيرة إلى أشباح تخيفني أحيانا.

 علق أبي على الجدار المحفر لوحة بالأبيض والأسود عبارة عن صورة لجدتي وهي تفرق شعرها من منتصفه في مشطة معهودة دون درّة، ثم علق إلى جانبها لوحة أخرى عبارة عن ملحمة كبيرة من اللوحات الصغيرة داخل مربعات يبدو فيها مرة سيدنا آدم شابا وسيما واقفا ينظر إلى أمنا حواء وقد أخفت سرتها بأوراق شجر خضراء على هيئة عش عصافير، مرة أخرى يبدو سيدنا علي على حصانه المطهم شاهرا سيفه القاطع ذا الرأسين كلسان الأفعى، مرة أخرى سيدنا قارون، ثم سيدنا إبراهيم في وضعية خاشعة وهو يستلم كبشا مليحا من يد ملاك له جناحان نوريان، ثم لوحات أخرى تشغل مربعات صغيرة كثيرة أخرى آخرها لوحة للشيطان عاريا ضاحكا بشر وقد انتصبت فوق رأسه أذنان حادتان وبرز من عجيزته المضحكة ذيل طويل أمرد ينتهي بدبزة شعر كثيفة
 كنت أجلس على كرسي البيت البلاستيكي الأخضر الوحيد لأتأمل الشيطان أطول بكثير مما أتأمل باقي مربعات اللوحة. كنت أستغرب لماذا لا يملك هو أيضا سيفا كسيف سيدنا علي، فقد بدا لي دائما أنه لابد سيحتاج ذلك السيف
 ألصق أبي خشبة عريضة تصل بالضبط من بداية جدار إلى بداية جدار آخر بعد أن ثقب طوبة هنا وطوبة هناك. وضعت فوقها أمي بوطة زرقاء وبعض الصحون والملاعق والمغارف وبانيو بلاستيكيا برتقاليا فاقع اللون وصينية قصديرية مطلية بالكروم البراق وكؤوسا وبرادا صغيرا معقوف الأنف، رتبت كل ذلك بطريقة فنية فأصبحنا بالتالي أخيرا نملك مطبخا. اعتدت أكثر على البيت وعلى أشباحه مع الوقت إلى درجة أنه أصبح بإمكاني الذهاب إلى المرحاض ليلا وحدي والدخول إلى المطبخ والجلوس قليلا في غرفة فارغة وحتى الصفير داخلها.
 جاءت نادية ذلك اليوم رفقة أمها من مكان أجهله، لعلهما جاءتا من مدينة أخرى بعيدة أو ما شابه. إلى حد الآن لم أعرف من هي نادية هذه ولا من هي أمها ولا من أين جاءتا. حتى حين سألت أمي مؤخرا لم تتذكر هذه الأسماء ولا تلك الأيام الخوالي ولا أي شيء حول أي شيء، فأمي لا تتذكر عادة إلا ما يعجبها
 كانت أم نادية شبيهة للغاية بأمي إلى درجة أنهما بدتا متطابقتين، في لباسهما كما في كل شيء، رغم أن تلك المرأة لم تكن خالتي، ولا أعتقد حتى أنها تمثل رائحة الشحمة في الشاقور بالنسبة لعائلتنا. بينما بدت نادية مختلفة بالكامل عن أمها كأنها ليست ابنتها، وإلى الآن لاشيء يؤكد لي حقا أنها أمها سوى أني سمعتها تناديها بـ مِّي، كما كنت أنا أنادي أمي بـ مِّي. بل كانت نادية ناضجة جدا كحبة كمثرى عملاقة، ويميل لون شعرها الكثيف المتعرج قليلا إلى الحمرة. وجهها أبلق منقط بنقاط باهتة شبيهة بالنقاط التي تغطي بيوض العصافير، حاجباها يميلان أيضا إلى حمرة خفيفة بينما يميل لون عينيها البقريتين الكبيرتين إلى بني غامق وجاذب بقوة. لم تكن ثخينة لكن بدا أنها مكتنزة للغاية وأنها قوية كمهرة التبوريدة وتلك هي هيأتها الطبيعية التي يجب أن تكون عليها دائما دون أن ينقص فيها شيء أو يزيد
 بعد أن أعدت لهما أمي الشاي ووضعته على المائدة الصغيرة الدائرية فوق صينية الكروم بدا واضحا أنهما ستبيتان معنا حتى الغد وأن أمي وأم نادية ستطبخان الرفيسة على العشاء بالدجاجة البلدية التي أحضرتها المرأة معها. بالتالي خلعت نادية جلابتها لتكشف عن عنق خالص البياض وصدر كبير يكاد يمزق السترة وفخذين صلبين جبارين يكادان يلمسان عيني من ذلك البعد الذي جلست عنده في هيئة مصلٍّ يتحي. كانت ترجع شعرها إلى الوراء بواسطة بوندو بالتالي بعد خلعها للجلابة اضطرت إلى نزع البوندو وإمساكه بشفتيها وإعادة تصفيف شعرها بيديها قبل إعادة البوندو إلى مكانه. بدت يداها شديدتيّ البياض مع صباغة أظافر سوداء داكنة مقشرة قليلا، كما بدت حركاتها أنثوية للغاية وضحكتها خجولة وشديدة الغنج. لا أعرف ما الذي جذبني إلى التحديق فيها باستمرار إلى ذلك الحد عوض أن أخرج كي أقذف الكرة في الزقاق مع الصبية. بقيت جالسا مكاني طيلة بعد الظهر أشعل المذياع وأطفئه وأنزع عنه البطارية المستطيلة الحمراء أتأملها وأضغط سلكها النحاسي بيدي ببلاهة قبل أن أعيدها إلى مكانها داخل المذياع وأشعله من جديد ساحبا الأنتين إلى أعلى كقصبة الصيد.
 بعد مرور بضع ساعات زال خجل نادية تدريجيا فأصبحت تنهض قاصدة المطبخ أو المرحاض كما تكلفت هي بجمع الصينية والكؤوس والبراد وغسلها عوض أمي. أصبحت تتصرف كما لو أنها أختي الكبرى أو أنها أصغر عماتي. بل أكثر من ذلك أصبحت توجه لي أسئلة ومزاحا لذيذا كـ خمسة ضرب خمسة كم تساوي؟؟ أفكر طويلا شاعرا بالخجل قد عطل دماغي فلا أجيب بل أكتفي بالابتسام ببلاهة وطأطأة رأسي وتبليق عيني واللعب بلساني خارج فمي كخروف. كلما وقفت لتذهب هنا أو هناك ملبية سخرة لأمي أو أمها من وإلى المطبخ تنزل سترتها بيدها من الخلف لتخفي نصف مؤخرتها الكبيرة المتراقصة بإيقاع مضبوط ورشيق عند كل خطوة. أراقبها بانجذاب غريب دون أن أعي ما هو بل وأتبعها أحيانا لأطل عليها كقط من باب المطبخ. تفطن إلى وجودي فتسألني: هل تريد أن تشرب؟ أجيبها بـ لا وأعود راكضا إلى مكاني.
 نزل المساء سريعا، لم أشعر بذلك إلا وأمي تشعل شمعتين، ثبّتت واحدة فوق الطابلة والأخرى داخل حفرة وسط طوبة في الجدار مخصصة لذلك. سألتني نادية على ضوء الشمع وقد بدت أسنانها متراصة بشدة ومناسبة جدا لعض التفاح: هل عندكم سطح؟ أجبتها بـ نعم. تعجبت وأبانت عن دهشة طفولية لم أفهمها ثم نهضت وطلبت مني مرافقتها أمام أمي وأمها. أمسكتني من يدي وصعدنا الأدراج التي بلا درابزين محاذرين أن نقع حتى بلغنا السطح الذي بلا أسوار تحيطه. سطح شبيه بطاولة الكولفازير، سوى أن هناك كومة صناديق تشبه غرفة كانت أمي قد عزمت أن تربي داخلها دجاجا وفلاليس وربما أرانب. الظلام دامس ولاشيء يظهر سوى بعض النجوم في الأعلى. جلست نادية على صندوق وسط العشة ثم طلبت مني أن أجلس قربها. جلست مطأطئا رأسي ساحبا إلى أعلى قدمي الحافيتين ألعب بأصابعهما. سألتني بعض الأسئلة التي لم أعد أتذكرها الآن والتي لا تعني شيئا. طلبت مني بعد ذلك أن أحكي لها نكاتا لتضحك إن كنت أحفظها. أجبت بالنفي فحكت هي نكتة لم أفهمها وقهقهتْ وضحكتُ أنا أيضا بدافع الخجل فقط. كانت حقا كبيرة ككعكة العيد وناضجة كالبوعويد القادم من الفيرمات فلم يكن من الممكن عدم الانصياع لأوامرها. تأملت شعري الكثيف الممشوط إلى اليمين وقالت بدهشة: يا له من شعر كثيف وجميل! لكن لا يجب أن تمشطه هكذا! بل هكذا ومدت يدها إلى شعري لتخربطه حتى وصلت إلى صيغة مقنعة لها فقالت نعم هكذا. تسمرت في مكاني وهي تمشط شعري بيديها في الظلام وسط الصناديق والكراكب. فكرت أن أنهض وأنزل هاربا في اتجاه أمي لكني لم أفعل بل استسلمت لدفء يديها ولرائحتها الغريبة وصوتها الرقيق وضحكتها الرنانة. مدت يدها من جديد إلى شعري لتمسده هذه المرة ببطء وهدوء وتركيز. ظللت جامدا مكاني كحشرة بابا الحاج لا أرمش منتظرا ماذا سيحدث. مسدته قرابة دقيقة ثم تنهدَت بعمق وعضت على شفتيها مقربة وجهها من وجهي. انتابتني فكرة غريبة أنها ستعضني وشعرت إزاء ذلك بخوف غريب ممتزج بلذة أغرب. اقتربت أكثر وقبلتني في شعري. أحسست فمها رغم كثافة الشعر وأحسست أنفاسها. عادت إلى وضعها الطبيعي بعد أن اطمأنت أني لن أصرخ وأن هذه الأشياء الغريبة ربما أعجبتني. ثم عادت بعد ثوان وقبلت عنقي. شعرت ببعض الكهرباء تسري في نخاعي الشوكي ولم أعرف ماذا يجب علي أن أفعل. تجرأت أكثر واقتربت ببطء لتقبل فمي. أغمضت عيني بشدة. قالت لي هامسة: بسني. لم أجب فكررت بصرامة شبيهة بالأمر لكن برقة: بسني. فتحت عيني وبستها. شعرت بقضيبي وهو بحجم مقص الأظافر الصغير يتحرك. أمسكت رأسي وضغطته فوق نهديها الكبيرين الصلبين. سألتني: هل تريد أن ترضع؟ أجبتها: لا. لماذا؟ لقد فطمتني أمي. قهقهَت لسبب أجهله وقالت وهي تخرج نهدها بيدها من أسفل سترتها: لا تخف، سترضع. أجبتها: لا. أمسكت رأسي بيدها وسحبته برفق حتى اتكئتُ كرضيع على فخذها ثم مررت حلمتها فوق وجهي وفمي. أغمضت عيني وأغلقت فمي بشدة. قالت لي وهي تطبطب بيدها على كتفي كأنها أمي: لا تخف حبيبي افتح فمك فقط. فتحت عيني شاعرا بملوحة حلمتها فوق شفتيّ. حلمة كبيرة وناتئة بوضوح من نهدها، أكبر بكثير حتى من من حلمة أمي، تحيطها دائرة بدت سوداء أكثر في ظلام السطح بينما بياض النهد مشع بقوة ما أمكن. فتحت شفتي قليلا فأدخلت الحلمة بينهما وقالت لي فيما يشبه الأمر الصارم: أغمض عينيك وارضع. أغمضت عيني لكني تلكأت قليلا شاعرا بليونة الحلمة داخل فمي وتصلبها وبتحفز غريب وبغرابة كل هذا الأمر. أمرتني من جديد: ارضع. فبدأت بالرضع تماما كما كنت أفعل مع نهد أمي. أمرتني من جديد: عضها بأسنانك لكن برفق. عضضتها وقد شعرت بخوف أن أكون قد عضضتها بطريقة خاطئة بأسناني الحادة، لكنها تأوهت رافعة وجهها إلى النجوم وأمرتني: عضها من جديد. عضضتها من جديد، وضغطتها قليلا بلساني دون أن تأمرني هي بذلك. في تلك اللحظة بالذات سمعنا نداء أمي: خالد.. خالد.. نادية.. نادية.. 
 سحبت نهدها بسرعة سادلة سترتها فوقه كأن شيئا لم يكن، ثم أمرتني هذه المرة بصوت خال من الرقة وبدفعة من يدها: انهض. نهضت دائخا كفأر أكل السم. نهضت هي أيضا وقالت: بسرعة، هيا ننزل. ثم سبقتني إلى الأدراج وهي توضب سترتها دون أن تمسكني من يدي ومؤخرتها الكبيرة التي تكاد تمزق السروال اللاصق تتراقص أمامي. وجدنا أمي وأمها تفتتان المسمن إلى قطع صغيرة داخل القصرية. سألت أمي نادية: هل أعجبك السطح؟ أجابتها وقد عادت إليها ابتسامتها الأولى وخجلها الأول الشبيه بخجل العرائس: نعم. أضافت أمي وهي تفتت المسمن بغباء شديد ودمالجها الفضية العتيقة تخرخش: سأطلب من أمك أن تتركك معي أسبوعا أو أسبوعين حتى أساريك المدينة وآخذك إلى الضريح. حنت نادية رأسها بخجل دون أن تتكلم بينما أمرتها أمها عوض أن تعلق على كلام أمي: قرّبي تلك البرمة إلى هنا
 بعد ساعتين كان العشاء جاهزا، صلى أبي العشاء في الجامع كالعادة وعاد فوضعوا قصرية الرفيسة فوق المائدة والدجاجة تبدو وسطها عارية كرضيع مقمط وصفراء بالخرقوم. تعشينا وتبادلنا نادية وأنا نظرات غامضة. بعد ذلك صب لنا أبي المونادة في كؤوس الضيوف وقشرنا المندرين أيضا. كان عشاء احتفاليا كبيرا بطعم حلمة نهد مالحة. جمعت نادية المائدة رفقة أمي كأنها زوجة أخي الأكبر المهاجر إلى الطاليان. فرّشت لهما أمي في الغرفة الخاوية بينما فرشت لنا كالعادة في غرفة المعيشة. شحروا برادا وجلسوا للتسامر جميعا قبل النوم، جلست منتظرا أن تطلب مني نادية الصعود إلى السطح، لكنها لم تفعل. حدقت فيها مرارا بخجل أقل، لكنها لم تهتم لأمر السطح من جديد
 نمنا بعد أن نممت أمي لأبي فيهما، وربما نممتا هما أيضا لبعضهما في أمي قبل النوم. استغرقتُ ساعة من التقلب والسهاد والسهو قبل نومي
 استيقظت عند التاسعة صباحا، وجدت أن نادية وأمها قد أفطرتا ورحلتا باكرا كي تلحقا الكار. لم تبق في بيتنا أسبوعا ولا أسبوعين ولا حتى يوما واحدا لتأخذها أمي إلى الضريح ولتأخذني هي إلى السطح، لم تبق حتى ساعة واحدة. لقد ذهبت ولم تعد أبدا. وجلستُ مرارا وحدي على الصندوق في السطح طيلة تلك المساءات العتيقة قبالة النجوم أسابيع طويلة كالمخدَّر
 بعد صيف تلك السنة كان مطلوبا مني بصرامة أن ألتحق بكآبة لأول مرة كجندي بالمدرسة لأدرس.
الكاتب محمد بنميلود


No comments:

Post a Comment