Thursday, June 15, 2017

براءة الطفولة


كان من عادات المساء أن ينزل سريعا، وليس هناك كهرباء. ألصق بنافذة الكوخ لأتأمل الباحة طويلا بصمت، إنها تمطر فوق الكاليتوسة، وفوق الأرضية الترابية المتعرجة، وفوق الزنك. تمطر دون توقف، بابإيقاعات مختلفة، وببرد معتم يكثف داخلي وحشة العالم مرفوقة بإحساس غريب بالنشوة والتحرر والتحفز. أتأمل الماء يسقط فوق الماء على الإضاءة الضعيفة لآخر النهار. أتأمل بعينين براقتين مبتردتين، وليس هناك شيء آخر أفعله سوى التأمل طويلا بصمت. أمي تشعل اللمبة لتتضاعف الظلال والأخيلة، أبي سيصل من العمل مبتلا ومحاطا بطاقة هائلة من الحنو لأجلي وبرائحة اليازير، أنتظره بشوق، بينما عصافير الدوري التي بلا بيت ستغرق في المطر وتموت، وفي الصباح حين تشرق الشمس لن تكون هناك زقزقات باكرة كالعادة، ولا رائحة دخان حطب الأشواك الجافة اللذيذ قادمة من الفران الكبير، ولا نحل يجد أزهار تلة جبل الرايسي. سيكون علي أن أقضي حياتي كاملة وحيدا دون زقزقات، صامتا، وخائفا من الرعد.
 في الصباح جمعت بيوض الدوري المكسورة التي أسقطتها عاصفة الفجر، مسحت عنها الماء في معطفي الصوفي، أعدت إلصاق القشور ببعضها، ووضعها تحت فراش أمي لتحضن عليها، دون أن أخبرها بذلك. كنت محتاجا بشدة في ذلك الشتاء القارس الطويل إلى إخوة.
 في الصباح جمعت بيوض الدوري المكسورة التي أسقطتها عاصفة الفجر، مسحت عنها الماء في معطفي الصوفي، أعدت إلصاق القشور ببعضها، ووضعها تحت فراش أمي لتحضن عليها، دون أن أخبرها بذلك. كنت محتاجا بشدة في ذلك الشتاء القارس الطويل إلى إخوة.

المبدع محمد بنميلود

No comments:

Post a Comment