Thursday, June 15, 2017

هكذا يقضي الملحد نهاره في رمضان : لاصيام يذكر ولاصلاة تتلى شأنه كشأن البعير


في نهارات رمضان لا ينفع معي إلا التمر، ثمنه رخيص، ووزنه خفيف، وفائدته عظيمة. أوزعه على جيوبي الكثيرة وأمارس حياتي بشكل عادي. يمكنني الغداء في قطار ممتلئ بالركاب دون مشاكل ودون إثارة انتباه أحد. أدخل يدي في جيبي، أغلق قبضتي على حبة التمر الطرية الباردة، أتوكأ قليلا على قبضتي، ثم أحك أنفي بسبابتي. الركاب يركزون نظرهم على سبابتي وأنفي بينما كفي تدخل التمرة بسلاسة وحرفية داخل فمي حيث مثواها الأخير. أخفض رأسي كأني شعرت بصداع بسبب مشقة الصيام بحيث لا يبقى يظهر شيء من وجهي للفضوليين. أمضع بسرعة شديدة وأبلع دون أن يبدو ذلك على ملامحي، ثم أعود إلى جلستي الطبيعية على كرسي القطار الرومنسي، أتأمل المناظر الخلابة من النافذة دقيقة أو دقيقتين قبل أن أدخل يدي في جيبي من جديد، أحرر أصابعي داخل ظلامه محررا بذلك عظم التمرة التي تكون في تلك الأثناء قد وصلت بسلام إلى معدتي قبل أن أطبق بفكَّيْ قبضتي على حبة تمر جديدة.
 يمكنك أكل التمر في كل مكان وزمان بهذه الطريقة دون مشاكل، ومسح ذقنك بيدك كفقيه. لن تستفز أحدا ولن يستفزك أحد، ولن تتهم بمخالفتك لقانون محاكم التفتيش الخاص بالمفطرين، بل أكثر من ذلك ستجد أن أفضل طريقة لأكل التمر هي هذه، إذ حتى إن كنت لا تحبه كثيرا وتمر عليه في الأيام العادية مرور اللئام دون أن يثير انتباهك، حتى في هذه الحالة سيتحول في رمضان المبارك إلى ألذ فاكهة تنقذك من التضور جوعا في الفضاءات العامة، في العمل، في الدراسة، أو حتى على كرسي حديقة من أجل التنزه. تقريبا كل نهار من نهارات رمضان المشمسة الجميلة آكل نصف كيلوغرام من التمر.
 لحظة يؤذن المغرب يمد لي أبي حبة تمر لأفرق بها الصيام، آخذها منه وأعيدها برفق إلى الصحن. أقول له: شكرا، التمر جيد، لكنه يؤلمني في أسناني لذلك أفضل أن أفرق الصيام مباشرة بالحريرة.

x

No comments:

Post a Comment